ثم تعالَ إلى عبادة قلبية أخرى :
الولاء و البراء .ما قولك في النساء يفتنن الشباب في الشوارع ؟؟ ألسن على معصية ؟؟
فحق المعصية التأفف و النفور ..
و ما قولك فيمن يفتن الشباب في التلفاز و النت ؟؟ ألسن - في الغالب - على كفر !!
فلو أن القلب فيه عبادة التبري من كل ما يغضب الله لما كان فيه حين يرى العاصيات أو الكافرات إلا انتفاضة الغاضب لحرمات الله إذا انتهكت ..
و لذلك لما دعت أم جريج العابد عليه حين لم يرد عليها و واصل الصلاة قالت " اللهم لا تمته حتى يرى وجوه المومسات !! " ، فتخيل كيف كان قلب جريج العابد حين رأى وجوه المومسات ؟!! أي المعاني حلت في قلبه ؟؟
هل نظر إليهن و في قلبه تساؤل " ما أشد جرمكن حين انتهكتن محارم الله !! " ؟؟
هل نظر إليهن و هو يود تغيير المنكر فلم يستطع إلا بقلبه فاضطرب قلبه عليه اضطراب قلب المقهور أمام من يظلمه ؟!
هل نظر إليهن و هو يسأل الله عز و جل ألا يهلكنا بما فعل السفهاء منا ؟؟
أين هذا البراء من العصاة في شباب يسعى حثيثًا وراء المنكرات و لو عدِمها لبات الليل يندب حظه ؟؟
أين المعاداة لكل من يُغضب الله في شباب همه الأكبر أن يرى مومسًا كافرة تأتي إلى "" عملها "" و تكشف عن بعض جسدها " النجس بالشرك " و تمثِّل أمام الأغرار أمثاله و بعد انتهاء " العمل " تتقاضى " أجرها " من سيدها صاحب المجلة أو الموقع الإباحي و هو في الغالب " يهودي " ؟؟
أين المعاداة لكومة المعاصي تلك ؟؟ لماذا لا يرون من الأمر إلا أنه جسد امرأة ؟؟ لماذا لا يعلمون أن وراء الأكمة ما وراءها مما تنفر منه نفوس قوم يؤمنون ؟؟
لماذا يسمحون باستغفالهم من حفنة من العصاة " المنظمين " سموا أنفسهم " طاقم التمثيل و الإخراج " ؟؟
ثم أين هو من إخوانه يشردون في البلاد المحتلة بذنوبنا و ذنوب غيرنا ؟؟
لم لا يضع في حسبانه أن ذنوبه تلك تأكل من رصيد الأمة الإيماني كما تأكل النار الحطب ؟؟
أين الولاء و البراء !!؟
أيظن الظان أن الولاء و البراء في مقاطعة البضائع و لا بأس ببعض الجدل حول كون المقاطعة من البراء أم لا و انتهى الأمر !! إن الولاء و البراء " منهج حياة " كغالب أعمال القلوب في الإسلام ..
فخبرني أخي الكريم الحبيب : كيف لشاب أن يستلذ بالمعصية و هو يعلم أن فيها استغفالًا ممن يكره لشباب المسلمين الخير و فيه الضرر لمن يريد له شبابُ المسلمين الخير ؟؟
ثم تعال إلي عبادة قلبية أخرى :
الحياء .
اسمع نداء الكريم بن الكريم و هو يقول ( مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ )
ألا ترى أن ربك أحسن مثواك ؟؟ ألا تراه أسبغ عليك نعمه ظاهرة و باطنة ؟؟
سبحان الله !!
كان أحد الشباب يخشى أنه إن انتهت الجامعة فسوف يشعر بأنه استغنى عن الله و كان يظن أن سره حاجته لله عز و جل هو " الامتحانات و الجامعة !! "
أمس علمت أنه على سفر لأن عينه فيها مرض صعب العلاج و هو على وشك أن يفقد بصره !! أسأل الله أن يشفيه شفاء لا يغادر سقمًا !!
إنها رسالة واضحة ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ )
فكيف لا يستحي الشاب من الله عز و جل ؟؟
لو خدمه بعض الناس خدمة لصار أسير تلك الخدمة - إن كان كريم المعدن نقي الطبع - و لصار يبحث عن كيفية الرد المناسب ..
فالله عز و جل أنعم علينا حتى لا أننا لا نستطيع العد ، لا يخطر في بال أحدنا أن يعد أصلًا ، فكيف يبحث أحدنا عن الرد المناسب ؟؟ كيف يكون الشكر لله ؟؟
فهل استحضر الشاب هذا المعنى و هو يتعرض لفتنة النساء ؟؟
ثم العبادة القلبية الأخرى :
المنافسة و المسارعة في الخيرات .
نعم !!
إنها منافسة شديدة !!
إنك في منافسة مع الأفاضل أجمعين !!
أبو مسلم الخولاني رحمه الله كان يضرب نفسه بالسوط - إن كلت عن قيام الليل - و يقول " أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم أن يستأثروا به دوننا ، والله لنزاحمنهم على الحوض !! "
إنك في منافسة مع أبي مسلم الخولاني رحمه الله !!
الله المستعان و عليه التكلان ..
و الرصيد يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية ..
فابنِ صرح الإيمان مجتهدًا و عندما تعرض لك الفتنة ستراك تضن أن تعطل نفسك عن الركب بمعصية لا تستمر دقائق !!
و عبادة قلبية أخرى :
الصدق مع الله .
بمجرد دخولك الإسلام فهذا عهد بينك و بين الله عز و جل .
قال تعالى ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ )
فعندما تعرض لك الفتنة قل :
لو انقدتُ خلفها فهذا دليل على عدم الصدق الكامل حين قلت " أشهد ألا إله إلا الله و أن محمدًا رسول الله " .
لو فعلتها فهذا دليل على عدم الصدق الكامل حين قلت " رضيت بالله ربا و بالإسلام دينًا "
و عبادة أخرى :
الصبر .
لا أقول الصبر على الطاعة أو عن المعصية أو على المصائب ، بل صبر النفس .
اسمع قول موسى عليه السلام كما ورد في القرآن الكريم ( قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ
نَفْسِي وَأَخِي)
إنها قضية القضايا !!
أن يملك أحدنا نفسه فإن تفلتت عليه أجبرها على الصبر ، و من هنا نفهم قول الله عز و جل لنبيه صلى الله عليه و سلم (
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً )
فهل يملك الشاب نفسه أمام الفتنة العابرة ؟!! هل يجبرها على الصبر لدرء المفسدة القاصمة ؟؟
يتبع إن شاء الله ..