الفيزياء وأصل الكون
من اين أتى هذا الكون ؟ هطا سؤال طبيعي عن كل شيء له بداية وغن كانت تلك البداية في الزمان , لكن هذا السؤال يصير أكثر إلحاحا إذا كانت تلك البداية بداية نطلقة للمادة وما يصاحبا من زمان ومكان. فما رد الفيزيائي الحديث على هذا السؤال المُلِح؟ لقد قرأنا من قبل قول اللع تعالى-: {أَمْ خُلِقوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ(35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ(36) الطور
المؤمنون بوجود الخالق الحق نوعان :نوع يعترف به ربا خالقا مدبرا لكل شيء, لكنه لا يفي بموجبات الربوبية ;فلا يعبد الله تعالى ,أو يعبده ويعبد معه غيره,ولا يعترف بنبي ولا شرع إلهي, فيكون تصرفه كتصرف الذي لا يؤمن بالخالق تعالى..
ونوع يؤمن بالخالق الحق واحدا, ويرى ان إقراره هذا يوجب عليه أن يؤمن به إلها واحدا لا معبود بحق سواه; فيعبده غير مشرك به,
ويؤمن برسله وكتبه, ويطيع أمره, ويرجو ثوابه ويخشى عقابه,
كان العرب الذي أرسل إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم في جملتهم من النوع الاول ,
فهذه الايات موجهة إليهم وإلى أمثالهم .لكن هذه الايات -إذا لم تقرأ في سياقها- قد يظن أنها لا تخاطب إلا قوما منرين لوجود الخالق سبحانه. نعم, إن في الايات لردا على المنكرين لوجود الخالق, لكنه رد موجه- أيضا- إلى قوم
يدعون الايمان به. فكأن الايات تقول لامثال هؤلاء :إن مسللكم في إستكباركم عن عبادة الله, أو في الشرك به ’,هو مسلك من يعتقد
الناس أنه لا خالق له
, فلا يلزمه أن يعبده, أو مسلك من يعتقد أنه هو الذي خلق نفسه فهو الذي يملك أمر نفسه ويتصرف فيها كيف شاء
أو مسلك من يعتقد أنه هو الذي خلق هذا الكون ,فهو مستغن عن الخضوع في أمره لاحد سوى نفسه. فإذا كنتم لا تقولون بشيء من هذا, بل تعتقدون- كما تزعمون- أن لكم ربا واحداَ هو الذي خلقكم وخلق هذا الكون حولكم ,فآمنو برسوله الذي أرسله إليكم وأعبدوه ولا تشركو به. ولهذا قال إبن كثير عن هذا الايات
((هذا المقام في إثبات الربوبية وتوحيد الوهية)):
لقد كان لهذا الخطاب القرآني وقع مؤثر جدا على بعض من إستمع إليه من أولئك العرب, روى البخاري في صحيحه عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه - رضي الله عنه-
قال :سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور, فلما بلغ هذه الاية
{أَمْ خُلِقوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ(35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ(36)أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ(37)
كاد قلبي يطير
((1
قال إبن كثير عند تفسير هذه الاية :((كان جبير قد قدم النبي صلى الله عليه وسلم بعد وقعة بدر في فداء الاسارى, وكان إذ ذاك مشركا, فكان سماعه هذه الاية من هذه السورة من جملة ما حمله على الدخول في الاسلام بعد ذالك ((1
فالبراهين القرآنية العقلية على وجود الخالق لا تقف عند حد الدلالة على وجوده, كما هو الحال في سائر البراهين الفلسفية والكلامية, بل تتضمن- كما ذكرنا من قبل -الدلالة على إستحقاقه وحده العبادةِ ’ لانه لا فائدة من إقراره بوجود الخالق لا تتبعه عبادة له وإلتزام بشرعه .
ولكن إذا كانت الايات الكريمة موجهة إلى ذالك النوع من المدعين للايمان بوجود الخالق الذين لا يوفون بموجبات هذا الايمان ’ فهي بالاحرى موجهة إلى من لا يؤمن به أصلا. وقد كان في العرب بعض من هؤلاء, وإن كانو قلة.
____________________________
3804 رقم
, [[ أخرجه البخاري, كتاب التفسير, باب : سورة [[والطور